فصل: (سورة الكهف: الآيات 16- 18).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

في هذه الآيات أفانين من البلاغة تذهل العقول وتكشف النقاب عن بيان القرآن البديع وهذا هو التفصيل:
1- الاستعارة التصريحية:
في قوله تعالى: {فضربنا على آذانهم} فقد استعار الحجاب المانع على آذانهم للزوم النوم وخص الآذان لأنه بالضرب عليها يحصل عليها، فالصور البيانية لا تتجسد إلا باعتمادها على أسس جمالية ونفسية قريبة من البحوث الحديثة وقد ذكر الجماليون الإحساسات التي يصح نعتها بالجمال على أتم وجه هي الإحساسات البصرية حتى لقد عرف ديكارت الجمال بقوله: هو ما يروق في العين فالعين حاسة النور وحاجة الإنسان إلى النور راجع إلى حاجته إلى الحياة إذ تتعلق به بعض العناصر التي تمد الجسم بالحياة والنشاط والحركة والمتعة والسرور وسيأتي ما اعتمده القرآن من الصور البصرية ولا يقف الأمر عند حاسة البصر بل حاسة السمع هي التي أوجدت أرفع الفنون: الشعر والموسيقى والبلاغة قال الرماني في كتابه النكت في إعجاز القرآن: واحساس السمع في قوله تعالى: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا} وحقيقته منعناهم الاحساس بآذانهم من غير صمم فكأن الاستعارة قصدت إلى هذا التصوير السمعي وإبراز فقدان حاسة السمع دون سائر الحواس ودون الدلالة على الصمم النهائي وستأتي تتمة هذه الصورة المهولة صورة الضرب على الآذان في قوله تعالى في سورة يس {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}.
2- التعليق:
وذلك في قوله: {ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا} ليس المراد أن يعلم اللّه شيئا هو داخل في نطاق علمه ولكنه أراد ما تعلق العلم به من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيمانا واعتبارا وليكون ذلك من الألطاف الخفية على المؤمنين في زمانهم أو ليحدث تعلق علمنا نعلقا حاليا أي نعلم أن الأمر واقع في الحال بعد أن علمنا قبل أنه سيقع في مستقبل الزمان أما المراد بالحزبين اللذين اختلفا فقال الفراء: إن طائفتين من المسلمين في زمان أصحاب الكهف اختلفوا في مدة لبثهم. وقيل المراد بالحزبين نفس أصحاب الكهف لأنهم اختلفوا فيما بينهم في المدة التي لبثوها نائمين وروي عن ابن عباس: أن المراد بالحزبين الملوك الذين تداولوا المدينة ملكا بعد ملك، وأصحاب الكهف إلى غير ذلك من أقوال لا يتسع المجال لإيرادها.

.الفوائد:

1- رجحنا أن تكون {أحصى} في قوله تعالى: {لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا} فعلا ماضيا لأن بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرد ليس بقياس اما نحو أعدى من الجرب وأفلس من ابن المذاق فشاذ والقياس على الشاذ في غير القرآن ممتنع فكيف به كما أن اعراب أمدا لا يصح إلا بكون {أحصى} فعلا ماضيا وإذا جعلناه اسم تفضيل احتجنا إلى تقدير فعل لأن اسم التفضيل لا يعمل على أن بعض النحاة جعل بناء اسم التفضيل من المزيد في الهمزة قياسا فتقول في أكرم فعلا فلان أكرم من فلان على رأيهم وزعم هؤلاء النحاة أن سيبويه قال به وعلله بأن بناءه منه لا يغير نظم الكلمة وانما هو تعويض همزة بهمزة، هذا وقد اختار كون أحصى للتفضيل الزجاج والتبريزي واختار أبو علي الفارسي والزمخشري كونه فعلا ماضيا وعليه درجنا.
2- ما يقوله المبرد عن أي: قال المبرد في حديثه عن {أيّ} ألا ترى أن معناها أذا أم ذا، وقال عز وجل: {لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا} لأن معناها أهذا أم هذا وقال تعالى: {فلينظر أيها أزكى طعاما} على ما فسرت لك وتقول: أعلم أيهم ضرب زيدا، وأعلم أيهم ضرب زيد تنصب أيا بضرب لأن زيدا فاعل فانما هذا لما بعده وكذلك ما أضيف إلى اسم من هذه الأسماء المستفهم بها نحو قد علمت غلام أيهم في الدار وقد عرفت غلام من في في الدار وقد علمت غلام من ضربت فتنصبه بضربت فعلى هذا مجرى الباب وخلاصة ما أراد المبرد أن يقوله في هذه اللمحة المفيدة أن أدوات الاستفهام إذا كانت أسماء امتنعت مما قبلها.
وقال ابن هشام في المغني أنه وهم أي كونه اسم تفضيل لأن شرط التمييز المنصوب بعد أفعل أن يكون كونه فاعلا في المعنى كزيد أكثر مالا بخلاف مال زيد أكثر مال ففي المثال الأول فاعل الكثرة في المعنى المال لا زيد وقال في الخلاصة:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا مفضلا كأنت أعلى منزلا.

.[سورة الكهف: الآيات 13- 15].

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (13) وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهًا لَقَدْ قُلْنا إِذًا شَطَطًا (14) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)}.

.الإعراب:

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} نحن مبتدأ وجملة نقص خبر وعليك متعلقان بنقص ونبأهم مفعول به وبالحق حال من فاعل نقص أو من مفعوله وهو النبأ فالباء للملابسة. {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً} الجملة مستأنفة مسوقة لسرد قصتهم وان واسمها وخبرها وجملة آمنوا بربهم خبر وزدناهم فعل وفاعل ومفعول به أول وهدى مفعول به ثان أو تمييز. {وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} وربطنا عطف على زدناهم وعلى قلوبهم متعلقان بربطنا وإذ ظرف ماض متعلق بربطنا وجملة قاموا مضاف إليها الظرف فقالوا عطف على قاموا وربنا مبتدأ ورب السموات والأرض خبره.
{لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهًا لَقَدْ قُلْنا إِذًا شَطَطًا} لن حرف نفي ونصب واستقبال وندعو منصوب بلن ومن دونه حال لأنه كان صفة لإلها وتقدم عليه ولقد اللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وقلنا فعل وفاعل وإذن حرف جواب وجزاء مهمل وشططا مفعول مطلق أي قولا ذا شطط فهو نعت للمصدر المحذوف بتقدير المضاف ويجوز أن يكون مفعولا به لأن الشطط فيه معنى الجملة وقال سيبويه ما نصه بالحرف نصبه على الحال من ضمير مصدر قلنا والشطط هو الافراط في الظلم والإبعاد فيه من شط إذا بعد فقول سيبويه له وجه كبير من الصحة، قالوا ذلك وهم قيام بين يدي الملك الجبار دقيانوس.
{هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} هؤلاء مبتدأ وقومنا بدل من اسم الاشارة أو عطف بيان وجملة اتخذوا خبر ومن دونه حال وآلهة مفعول به ومعنى الخبر هنا الإنكار ويجوز أن تعرب هؤلاء مبتدأ وقومنا هو الخبر وجملة اتخذوا في موضع نصب على الحال.
{لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} لولا حرف تحضيض ويأتون فعل مضارع وفاعل والجملة مستأنفة وعليهم أي على عبادتهم متعلقان بمحذوف حال وبسلطان متعلقان بيأتون وبيّن صفة فمن أظلم الفاء استئنافية ومن اسم استفهام معناه النفي والإنكار مبتدأ وأظلم خبره وممن متعلقان بأظلم وجملة افترى صلة وعلى اللّه متعلقان بافترى وكذبا مفعول به.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {وربطنا على قلوبهم} استعارة تصريحية تبعية تشبه {فضربنا على آذانهم} لأن الربط هو الشد بالحبل والمراد قوينا قلوبهم بالصبر على هجر الأوطان والفرار بالدين إلى الكهوف والغيران وافتراش صعيدها وجسرناهم على قول الحق والجهر به أمام دقيانوس الجبار.

.[سورة الكهف: الآيات 16- 18].

{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)}.

.اللغة:

{مِرفَقًا}: بكسر الميم وفتح الفاء وبالعكس وقد قرئ بهما ما ترتفقون به من غداء وعشاء أي تنتفعون قال في أساس البلاغة: وارتفقت به: انتفعت ومالي فيه مرفق ومرفق وما فيها مرفق من مرافق الدار نحو المتوضأ والمطبخ وقيل بالكسر في الميم هو لليد وبالفتح للأمر وقد يستعمل كل منهما موضع الآخر حكاه الأزهري عن ثعلب وقال بعضهم:
هما لغتان فيما يرتفق به فأما الجارحة فبكسر الميم فقط وفي القاموس والتاج وغيرهما: المرفق بكسر الميم وفتح الفاء والمرفق بفتح الميم وكسر الفاء الموصل بين الساعد والعضد وما ارتفقت به فهما لغتان.
{تزاور}: أي تمايل أصله تتزاور فخفف بإدغام التاء في الزاي أو حذفها وقد قرئ بهما وقرئ: {تزورّ} و{تزوارّ} وكلها من الزور وهو الميل ومنه زاره إذا مال اليه والزور الميل عن الصدق.
{تَقْرِضُهُمْ}: تقطعهم وتتجاوز عنهم فلا تصيبهم البتة مأخوذ من معنى القطيعة والصرم قال ذو الرمة:
إلى ظعن يقرضن أجواز مشرف ** شمالا وعن أيمانهن الفوارس

وقبله:
نظرت بجرعاء السبية نظرة ** ضحى وسواد العين في الماء شامس

وجرعاء السبية اسم موضع وسواد العين إلخ جملة حالية أي الدمع كثير الحركة والاضطراب من شمس الفرس إذا جمح وساء خلقه والظعن جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج ويقرضن أي يقطعن وأجواز جمع جوز وهو المجاز والطريق أي يفصلنه عنهن والفوارس اسم موضع لا جمع فارس.
وقال الفارسي: ومعنى تقرضهم تعطيهم من ضوئها شيئا كالقرض ثم يسترد بعد حين وهي تزول بسرعة أيضا.
{فَجْوَةٍ}: متسع من الفجاء وهو تباعد ما بين الفخذين يقال رجل أفجى وامرأة فجواء والجمع فجاء كقصعة وقصاع وفي القاموس:
الفجوة: الفرجة بين الشيئين وساحة الدار وما اتسع من الأرض والجمع فجوات وفجاء.
{الوصيد} تقدم شرحه ونضيف اليه ما قاله صاحب القاموس:
الوصيد العتبة فناء الدار، الكهف وقال غيره والباب أيضا وأنشد:
بأرض فضاء لا يسد وصيدها ** علي ومعروفي بها غير منكر

والبيت لزهير يقول: نزلت في أرض خالية من البناء ليس فيها بناء له وصيد أي باب يسد علي ويحجب عني الضيفان كأهل الحضر فنفي السد كناية عن نفي الوصيد من أصله فهو من باب نفي الشيء بإيجابه واحساني بها معروف لا ينكره أحد من الناس.

.الإعراب:

{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} خطاب من بعضهم لبعض حين صمموا على الفرار بدينهم فإذ منصوب بمضمر تقديره قال بعضهم لبعض وجملة اعتزلتموهم في محل جر بإضافة الظرف إليها وهي فعل وفاعل ومفعول به وما يعبدون: الواو حرف عطف وما معطوف على الهاء أي اعتزلتموهم واعتزلتم معبوديهم فما موصولية أو مصدرية فيقدر وعبادتهم وإلا أداة استثناء واللّه مستثنى متصل على تقدير كونهم مشركين ومنقطع على تقدير تمحضهم في عبادة الأوثان وقيل الواو اعتراضية وما نافية والجملة معترضة وهي إخبار من اللّه عن الفتية أنهم لم يعبدوا غير اللّه ولا مانع من ذلك. قال الفراء هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت فافعل كذا وهو قول ضعيف لأنه يعني أن إذ تفيد الشرطية والمعروف انها لا تفيدها إلا مقترنة مع ما. {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} الفاء هي الفصيحة أي أن شئتم النجاة بدينكم فأووا وأووا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والى الكهف متعلقان به.
{يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا} ينشر فعل مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للطلب ولكم متعلقان بينشر وربكم فاعل ينشر ومن رحمته صفة لمفعول ينشر المحذوف أي ينشر لكم نجاحا من رحمته ويهيئ عطف على ينشر ولكم متعلقان بيهيئ ومن أمركم حال لأنه كان صفة لمرفقا ومرفقا مفعول به. {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ} في الكلام إيجاز بحذف عدة جمل وتقدير الكلام فأووا إلى الكهف كما قرروا بينهم وشعروا بالتعب فناموا واسترسلوا في النوم، وأجاب اللّه دعاءهم إذ قالوا: {ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا} فالواو استئنافية وترى فعل مضارع وفاعله أنت والشمس مفعول به وإذا ظرف مستقبل متعلق بتزاور وهو الجواب وتزاور فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره هي والجملة لا محل لها وعن كهفهم متعلقان بتزاور وذات اليمين ظرف متعلق بتزاور {وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ} عطف على الجملة السابقة وهي مماثلة لها في اعرابها. {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ} الواو للحال وهم مبتدأ، وفي فجوة خبر ومنه صفة لفجوة وذلك مبتدأ ومن آيات اللّه خبر.
{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} من شرطية في محل نصب مفعول مقدم ويهد فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة والفاء رابطة للجواب لأنه جملة اسمية وهو مبتدأ والمهتدي خبره وحذفت الياء بخط المصحف ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا عطف على ما تقدم والجملة مماثلة لسابقتها. {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} الواو استئنافية وتحسبهم فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به أول وأيقاظا مفعول به ثان وهم الواو حالية وهم مبتدأ ورقود خبر والجملة في محل نصب حال. {وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} ونقلبهم الواو عاطفة ونقلبهم فعل وفاعل مستتر ومفعول به وذات اليمين ظرف متعلق بنقلبهم وذات الشمال عطف على ذات اليمين وكلبهم الواو للحال وكلبهم مبتدأ وباسط خبر وذراعيه مفعول به وبالوصيد متعلقان بباسط. {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} لو شرطية واطلعت فعل وفاعل وعليهم متعلقان باطلعت ولوليت اللام واقعة في جواب لو ووليت فعل وفاعل ومنهم متعلقان بفرارا وفرارا مفعول مطلق مطلق من معنى الفعل قبله لأنه مرادفه ويجوز أن يعرب مصدر في موضع الحال أي فارا، ولملئت عطف على لوليت ومنهم متعلقان برعبا ورعبا تمييز ورجح أبو حيان أن يكون مفعولا ثانيا لملئت.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {وتحسبهم أيقاظا وهم رقود} تشبيه وطباق أما الطباق فهو ظاهر بين أيقاظ ورقود وأما التشبيه فهو قسم من أقسام التشبيه جاءت فيه الأداة فعلا من أفعال الشك واليقين تقول حسبت زيدا في جرأته الأسد وعمرا في جوده الغمام فحاصل ذلك تشبيه زيد بالأسد وعمرو بالغمام وفي الآية حاصلة تشبيه أهل الكهف في حال نومهم بالايقاظ في بعض صفاتهم لأنه قيل أنهم كانوا مفتحي العيون في حال نومهم.

.الفوائد:

استدل الكسائي بقوله: {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} على أن اسم الفاعل يعمل عمل الفعل ولو كان بمعنى الماضي ومنع البصريون ذلك وقالوا لا حجة للكسائي ومن تبعه في أن اسم الفاعل هنا بمعنى الماضي وعمل في ذراعيه النصب وأنه على ارادة حكاية الحال الماضية أي أنه يقدر الهيئة الواقعة في الزمن الماضي واقعة في حال التكلم والمعنى يبسط ذراعيه فيصح وقوع المضارع موقعه بدليل أن الواو في وكلبهم واو الحال ولذا قال سبحانه ونقلبهم بالمضارع الدال على الحال ولم يقل وقلبناهم بالماضي.